صحافة

"المشهد اليوم"…اسرائيل تستأنف حرب غزّة "بعد التشاور" مع واشنطن غارات أميركية مستمرة على اليمن واتفاق سوري - لبناني لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات دامية

فلسطينيون يحملون أحد ضحايا القصف الإسرائيلي الذي استهدف بيت لاهيا شمال قطاع غزّة (أ.ف.ب)

شنّت اسرائيل سلسلة من الغارات المُكثفة على مختلف مناطق قطاع غزّة موقعة أكثر من 350 شهيداً وعشرات الجرحى. ويأتي ذلك مع استمرار الحصار المُطبق ومنع دخول المساعدات الانسانية والاحتياجات الضرورية منذ بداية الشهر الحالي ناهيك عن قطع الكهرباء ما انعكس بدوره على ما تبقى من خدمات صحية واستشفائية. وكعادتها برّرت قوات الاحتلال الهجوم، الذي يُعّد الأعنف منذ سريان الهدنة في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، باستهداف "حماس" وقيادتها، متوعدة باستخدام "قوة عسكرية متزايدة من الآن فصاعداً"، وذلك بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ايضاً ربط بين تجدد الغارات و "رفض "حماس" المتكرر إطلاق سراح رهائننا، ورفضها جميع المقترحات التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء".

وتشكل عودة العمليات العسكرية لممارسة المزيد من الضغوط على الحركة لتمديد المرحلة الاولى من الاتفاق واطلاق سراح المزيد من الرهائن دون تقديم اي ضمانات للشروع في المرحلة الثانية والتي تتضمن انسحاباً اسرائيلياً كاملاً وضمان هدنة تسهم في اطلاق عملية اعادة الاعمار، الا ان تل أبيب تسعى بعد اطلاق سراح اكبر عدد من الاسرى الى استئناف القتال في القطاع وهو ما رفضته "حماس" التي اعتبرت أن "نتنياهو وحكومته النازية يأخذون قراراً بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزّة إلى مصير مجهول"، معتبرة أن القطاع يعيش على وقع "حرب متوحّشة وسياسة تجويع ممنهجة".

وجاء قرار التصعيد بعد مشاورة مع واشنطن، وفق ما أكده المتحدث باسم البيت الأبيض لقناة "فوكس نيوز"، الذي لفت الى أن "(الرئيس الاميركي دونالد) ترامب أوضح أن "حماس" والحوثيين وإيران وكل من يسعى لإرهاب إسرائيل والولايات المتحدة سيدفع ثمناً باهظاً". هذا وأفادت عدة تقارير الى فشل جولة المفاوضات الاخيرة وعودة الوفد المعني من العاصمة المصرية، القاهرة، دون تحقيق أي تقدم يُذكر رغم جهود الوسطاء المصريين والقطريين لتذليل العقبات وتقليص الفجوات.

بموازاة عودة حرب "الابادة" بحق الفلسطينيين، استرعت الاشتباكات على الحدود اللبنانية - السورية الانتباه ودقت ناقوس الخطر من تدهور الاوضاع وتفجرها، ما استدعى تدخلاً لبنانياً عكسه اتصال وزير الدفاع ميشال منسى بنظيره السوري مرهف أبو قصرة، حيث تقرّر نتيجته "وقف إطلاق النار بين الجانبين، على أن يستمر التواصل بين مديرية المخابرات في كلا البلدين" لمنع تفاقم الامور وتوسعها. وأودت الاشتباكات على الحدود اللبنانية بحياة 10 من قوات وزارة الدفاع السورية خلال الساعات الـ24 الماضية، بحسب وسائل إعلام سورية، بينما قالت وزارة الصحة اللبنانية إن 7 لبنانيين لقوا حتفهم وأصيب 52 خلال اليومين الماضيين.

وكانت تقارير في دمشق تحدثت عن دخول قوات الحكومة السورية قريتين على الحدود مع لبنان وطرد مقاتلين محسوبين على "حزب الله" منهما. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي لايران والحزب، تتصاعد وتيرة العنف عند الحدود المتداخلة بين البلدين، خاصة أن هناك قرار سوري بمنع التهريب واغلاق المعابر غير الشرعية ووقف كل أشكال استخدام الاراضي السورية لدعم الحزب، والتي لطالما شكلت شريان حيوي للحصول على العتاد والأسلحة.

وتكبل انطلاقة الادارة السورية الجديدة تحديات وعراقيل كثيرة لا تتوقف عند إثارة بعض الاطراف الداخلية المحسوبة على النظام السابق الفوضى بل تتجسد عبر وجود جهات خارجية تطمح لبقاء سوريا مفككة وضعيفة ومنها العدو الاسرائيلي الذي ينفذ غارات غير مسبوقة منذ سقوط نظام الأسد وأخرها أمس مع استهداف محيط مدينة درعا، جنوب البلاد، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 19 آخرين. وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، في وقت سابق، بأن الغارات استهدفت مقراً عسكرياً كان يتبع للجيش السابق، ويضم قوات من الجيش السوري الجديد.

الى ذلك، عُقد مؤتمر المانحين في بروكسل لدعم سوريا، ولأول مرة مثّل وزير الخارجية أسعد الشيباني بلاده رسمياً، حيث جدّد الدعوة الى رفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار "لأن العقوبات الأحادية تزيد من معاناة الشعب السوري"، مشدداً على أن عودة النازحين واللاجئين "تتطلب جهداً دولياً ومساهمة في تنشيط الاقتصاد". بدورها، تعهدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس بتقديم 5.8 مليار يورو، أي ما يُقدر بـ6.3 مليار دولار، لسوريا وجيرانها. وألقى انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من مجموعة المانحين، على الرغم من تمثيلها بالمؤتمر، بثقله باعتبارها مانح رئيسي وسط أمال بأن تسهم مساعدات الدول العربية بسد العجز، إذ لم تغطِ المبالغ التي تم جمعها سابقاً سوى 35% من احتياجات السوريين. وقدّرت الأمم المتحدة أنه، بالوتيرة الحالية، ستحتاج دمشق  إلى نصف قرن على الأقل للعودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كانت عليه قبل الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011.

في غضون ذلك، تواصلت الغارات الاميركية على اليمن، لليوم الثالث على التوالي، ضد أهداف ومقار تابعة للحوثيين الذين أعلنوا، بدورهم، عن استهداف حاملة الطائرات الأميركية (يو.إس.إس هاري ترومان) بصاروخين وطائرتين مُسيرتين، وذلك للمرة الثالثة خلال 48 ساعة. كما قصفوا مدمرة أميركية بصاروخ وأربع طائرات مُسيرة، متوعدين، في بيان، باستهداف "كافة الأهداف المعادية في البحرين الأحمر والعربي حتى يتوقف العدوان على بلدنا". وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن، أمس الاثنين، أن الخسائر في إيرادات قناة السويس بلغت 800 مليون دولار شهرياً بسبب الوضع في المنطقة.

من جهته، حمّل الرئيس ترامب إيران المسؤولية عن أي هجمات أخرى من جانب الحوثيين، مهدداً اياها بمواجهة "عواقب وخيمة" رغم تنصل طهران من تحمل تبعات ما يجري من تطورات على الساحة اليمنية واستنكارها لزّج اسمها في "التورط في أي أنشطة مزعزعة للاستقرار بالمنطقة"، على حدّ قولها. وضمن السياق، نقل موقع "نور نيوز" الإيراني عن القوات الجوية الإيرانية إشارتها الى أن طائرة تجسس أميركية مسيرة انسحبت من قرب المجال الجوي الإيراني بعد أن اعترضتها طائرات مقاتلة من طراز "إف-14" وطائرات استطلاع مسيّرة.

دولياً، من المتوقع أن يجري الرئيس الأميركي محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم، لمناقشة سبل إنهاء الحرب الأوكرانية بعد موافقة كييف على مقترح الهدنة الذي طرحته واشنطن خلال محادثات السعودية. وقال الرئيس ترامب، خلال دردشة صحافية "إن جدول الأعمال سيشمل تبادل أراضٍ إضافة إلى محطات الطاقة"، مؤكداً أنه "تم إنجاز كثير من العمل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسنرى ما إذا كان لدينا ما نعلنه ربما بحلول يوم الثلاثاء".

وتركزت اهتمامات الصحف العربية على الاوضاع المتفجرة في اليمن جراء الضربات الاميركية المستمرة والهادفة لتطويق طهران ناهيك عن الوضعين السوري والفلسطيني. وفي جولة اليوم على العناوين والمقالات نرصد:

شدّدت صحيفة "الغد" الأردنية على أن "اللافت في التصريحات الأميركية بعد الهجوم على مواقع الحوثيين في اليمن أنها حملت إشارات الوعيد والتهديد لإيران بقدر يفوق ما ذكرت فيه جماعة الحوثي، فبدا الهجوم بمثابة رسالة لإيران أكثر منه كرد على تعطيل الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر". وأضافت "ما يخشاه الكثيرون في دول المنطقة أن تتوسع الحملة على الحوثيين لحرب أوسع في ظل الموقف المتصلب لإدارة ترامب وتصميمها على إخضاع الحوثيين بشكل نهائي".

ولم يختلف موقف صحيفة "الدستور" الأردنية التي أوضحت أن "مصطلح محور المقاومة أصبح مضحكاً، مثلما آل إليه مصطلح "دول الطوق" الذي أطلقه جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي على الدول العربية التي تحيط فلسطين المحتلة"، واضعة ما يجري في سياق "فتح الملالي هذه الحرب العبثية لرفع سعرهم وتحسين مركزهم التفاوضي، لا كما يزعمون، لرفع السيف الإسرائيلي عن العنق الفلسطيني".

هذا وتساءلت صحيفة "الصباح" العراقية "في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم من تقلبات وحروب متكررة والآثار والتداعيات، التي خلفتها الحرب الاسرائيلية على غزة ولبنان يبقى السؤال هو؛ هل ستقاوم ايران الضغوط الاميركية"، منبهة الى أن "ورقة الضغط القصوى التي تتوعد بها الولايات المتحدة اذا ما طبقت فإن ذلك سيؤدي إلى أزمة اقتصادية أكبر وأشد من الأزمة الحالية، خصوصاً وجميعنا يعلم إلى أن الضغط الكبير من أجل تكثيف العقوبات، سيكون مؤلماً وأشد قسوة من ذي قبل".

بدورها، لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية الى أن "هناك خشية كبيرة، من تقسيم سوريا، خاصة بعد البيان الدستوري الذي صدر عن حكومة الأمر الواقع، والذي اعتبر من محافظات سورية، كما هو حال السويداء، وأيضاً المجموعات الكردية، غير متسق مع احترام مكونات الشعب السوري"، مشيرة الى أن "سوريا تمر بأيام حزينة، ولن تتجاوز ذلك، إلا بوقف نزف الدم، ومحاولات التقسيم. ولن يتحقق ذلك إلا بموقف عربي شجاع، يعمل على تضميد الجراح، ومعالجة ما اندمل، وإعادة الأمن والاستقرار، والاعتراف بالمكونات التي صنعت تاريخ سوريا، وبما يكفل إعادة البسمة والفرح وبناء المستقبل الواعد لكل السوريين".

وقالت صحيفة "العرب" القطرية "إن الولايات المتحدة مع كل هذا الرفض العربي الكبير كان لا بد من أن "تفعل شيئاً ما" لإصلاح ذلك الخطأ الجسيم بشأن فكرة التهجير" التي تبناها ترامب خلال وجود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في البيت الابيض، معتبرة "تصريحات ترامب بشأن تراجعه عن فكرة تهجير الفلسطينيين منطقية، عطفاً على تلك الأحداث السابقة، لأن بلاده لن تستفيد من التصعيد، ولغة الوعيد التي كان ينتهجها"، وفق تعبيرها.

ومن وجهة نظر صحيفة "الراي" الكويتية، "هنالك تحديات معقدة وفرص تواجه إدارة ترامب الثانية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الملفين السوري واليمني في سوريا واليمن، والتوترات في العراق ولبنان، والقضية الفلسطينية التي لاتزال دون حل"، مؤكدة أن تأثيرات ولاية ترامب ستعتمد على كيفية تعامل إدارته مع القضايا المُعقدة في المنطقة، وقدرتها على بناء تحالفات جديدة وتعزيز الاستقرار والسلام".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن