صحافة

هذا ليس عصر أمريكا الذهبي الذي يبشّر به ترامب!

عبدالله خليفة الشايجي

المشاركة
هذا ليس عصر أمريكا الذهبي الذي يبشّر به ترامب!

ما فتئ ترامب يردد ويعد ويبشر الأمريكيين حتى قبل بدء رئاسته الثانية "سندخل عصر أمريكا الذهبي وسنحقق نجاحات حتى نمل من النجاح"!! مؤكداً أن رئاسته الثانية ستكون الأفضل والأكثر رخاءً للأمريكيين ـ وبشكل مبالغ به ـ وطبعا ذلك يطرب أنصاره جماعة MAGA ـ الذين تحولوا إلى طائفة لا يرون أي خطأ أو خلل في سياسات ترامب!!

لكن ما يشهده الأمريكيون وحلفاء وخصوم أمريكا في أول شهرين من رئاسة ترامب لا يدعم تلك الرؤية الوردية التي يبشر بها ترامب! وخاصة أوامره التنفيذية المثيرة للجدل، وتعميق الشرخ والانقسام المجتمعي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومواجهته الديمقراطيين وقمع الرأي المعارض والطرد والترحيل الجماعي للمقيمين غير الشرعيين حتى بتجاوز الأحكام القضائية، وشمل ترحيل مقيمين شرعيين بالخطأ.

وهناك تطبيق سياسات متشددة من الرقابة على الزوار القادمين إلى الولايات المتحدة في منافذ الدخول، وتم اعتقال وترحيل بعض الزائرين بمن فيهم مواطنون أوروبيون ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، وتجميد الهبات والدعم المالي للجامعات ومراكز الأبحاث لاتهامهم بعدم القيام بحماية الطلبة اليهود ومنع العداء للسامية، والانحياز الكلي لإسرائيل وحرب الإبادة على غزة، والتصعيد مع إيران والتهديد والوعيد بإرسال ترامب رسالة تحذير إلى المرشد الأعلى!!

لكن أكثر ما ستكون له انعكاسات وتداعيات سلبية على ترامب والشعب الأمريكي وحلفاء واشنطن هو زلزال تسونامي ترامب الذي يهز أمريكا وأسواق العالم نتيجة لرفع ترامب الرسوم الجمركية على البضائع الواردة من 185 دولة بنسب متفاوتة تتراوح بين 10 في المئة على الدول الخليجية وتركيا وإيران وبريطانيا و54 في المئة على البضائع الصينية و46 في المئة على بضائع فيتنام! وعلى السيارات والعربات بنسبة 25 في المئة ما يرفع أسعارها بشكل كبير.

ويتسبب ذلك بضبابية وخشية من دخول أمريكا والاقتصادي العالمي بركود اقتصادي وانتكاسة التجارة العالمية وتدشين حرب تجارية وحرب تبادل رفع الرسوم الجمركية!! خاصة بعد توجيه الصين صفعة قوية للولايات المتحدة والرد على رفع رسوم ترامب الجمركية برفع الرسوم على واردات البضائع الأمريكية إلى الصين بنسبة 34 في المئة. مثال سيرتفع سعر جهاز IPhone المصنع والمجمع في الصين ‏من 1599دولارا إلى 2300دولار !! ـ ما يعني ارتفاع أسعار البضائع والمنتجات الصينية بين الثلث والنصف. وسيقود ذلك لتراجع الطلب على الواردات الصينية وخفض الانتاج وسلاسل التوزيع. وسيتراجع الطلب على الحاجة للطاقة من نفط وغاز، للصين وللدول الأخرى.

وهذا سينعكس على عوائد الدول المصدرة للنفط والغاز بما فيه دولنا الخليجية ـ يرافق ذلك سماح ترامب بزيادة انتاج النفط والغاز الصخري ورسوم ترامب الجمركية التي أدت لانخفاض سعر النفط بـ7 في المئة وانخفاض سعر برميل النفط إلى 66دولارا. ويعمق المشهد الاقتصادي المرتبك انهيار جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية وتسجيل أسوأ أسبوع مر على الاقتصاد الأمريكي والبريطاني والعالمي وخاصة بتراجع أداء البورصات وانهيار قيمة الأسهم منذ جائحة كورونا قبل 5 سنوات!!وذلك بعد يومين من إعلان الرئيس ترامب زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية بنسب كبيرة.

لترتفع خسائر أسواق الأسهم الأمريكية إلى 6 تريليونات دولار، وتتجاوز الخسائر الثقيلة إلى 9 تريليونات دولار، منذ بدء رئاسة ترامب ما يعادل ربع مجمل الناتج المحلي الأمريكي. وذلك يدفع أمريكا إلى ركود اقتصادي والقضاء على مدخرات المتقاعدين وإفلاس الشركات والمؤسسات!!ما يهدد الاقتصاد العالمي ويقود لتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار والبطالة. وحتى انخفاض أسعار الطاقة والنفط!! مثال على الخسائر الفادحة، خسرت شركة أبل في يومين 7 في المئة من قيمتها السوقية حوالي 310 مليارات دولار.

وخسرت شركة أمازون 7 في المئة من قيمتها السوقية بعد تراجع حاد للأسهم الإلكترونية القيادية وخاصة كبرى شركات التكنولوجيا الرئيسية مثل تسلا ومايكروسوفت وأمازون والفابيت وميتا. هذا الانهيار الاقتصادي، سيقلص طلب الصين للطاقة من نفط وغاز لتراجع الطلب على النفط والغاز الخليجي.

ورفعت مؤسسة J.P. Morgan المرموقة تقريرا بعنوان "ستسفك دماء" وترفع فرصة دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة الركود الاقتصادي بعد خسارة أسواق الأسهم والمؤشرات الرئيسية الثلاثة خلال يومين منذ إعلان الرئيس ترامب عن رفع نسب الرسوم الجمركية على السلع المصدرة لأمريكا بين 10في المئة ـ 54في المئة ـ وهذا يقود لتراجع الثقة وضبابية الوضع الاقتصادي الأمريكي!! عندما يسأل الأمريكيون لماذا تكرهنا شعوب العالم ؟

كان الجواب بسبب سياسات وتدخلات وتخبطات وفرض عقوبات وتدخلات في شؤون الدول وفي حالة دولنا العربية والفلسطينية دعم احتلال وطغيان ودعم جرائم إسرائيل. واليوم تُضاف الحرب التجارية ورفع رسوم التعرفات الجمركية على الدول والشعوب حول العالم! الخلاصة سياسات وتصعيد ترامب بفرض رسوم جمركية التي هي بالواقع ضرائب على الأمريكيين والمستهلكين حول العالم. وأشبه بإطلاق النار على الأمريكيين واستعداء دول وشعوب العالم.

لن يجرؤ حزب ترامب الجمهوري على عزله بل سيدافعون عن سياساته الاقتصادية الفاشلة التي تفقر الأمريكيين وتزعزع الاقتصاد وتعادي الحلفاء وذلك برغم تعبير ترامب بغضب واستياء في تغريدة عام 2012 ضد الرئيس أوباما الثانية …"إذا خسر سوق الأسهم داو جونز 1000 نقطة في يومين فيجب عزل الرئيس"!!فما بالك بخسارة سوق الأسهم داو جونز 3380 نقطة في يومين. والأخطر شبح الركود والإفلاس!!لم ينتخب الأمريكيون ترامب ليُفقرهم ويفقدهم وظائفهم ويسرح عشرات الآلاف موظفي الحكومة ؟!!

من كان يظن أن أمريكا قائدة لواء الحريات والاقتصاد الحر، تتنصل من مبادئها، وتتحول لقلعة مغلقة، ويفقد حلفاؤها ثقتهم ويشككون بدورها، وتنقلب على مبادئها؟ واضح هذا ليس "عصر أمريكا الذهبي"! الذي يبشر به ترامب!! وأكرر "اربطوا الأحزمة وتوقعوا غير المتوقع"!

(القدس العربي)

يتم التصفح الآن