مدونات

"القومية العربية"... هي الخلاص!

إبراهيم البعداني – اليمن

المشاركة

لعلّ أهمّ ما يميّز العرب عن باقي شعوب العالم هو الانتماء لجغرافيا واحدة وامتلاك لغة وتراث وموروث قومي مشترك تمّ توارثه جيلًا بعد جيل، وهو ما لا يتوفّر عند باقي شعوب العالم رغم انتماء بعضها لجغرافيا واحدة إلا أنّ لغتها تبقى مختلفة ومتعددة.

وبالحديث عن القومية العربية، يمكن الجزم بأنّ بدايتها كخصوصية عربية منفردة بُعثت قبل ظهور الإسلام بقرنين، رغم توزّع سكّان شبه الجزيرة العربية على شكل قبائل وإمارات متصارعة، فكان الاقتتال بينها هو السائد، لكن مع ذلك كان الإدراك والشعور بروح "الجسد الواحد" وبأنها تقع في خط واحد وجغرافيا واحدة، هو السائد، وأنّ هذه الجغرافيا معرّضة للتمزّق والتشتّت بفعل تربّص القوى المحيطة بها، التي تسعى كل منها للحصول على نصيبها من البقعة الجغرافية العربية.

هذا الخوف والتهديد الخارجي عزّز الشعور بالانتماء للأرض، فخرج من وسط الظلام الكثيف شعاع الأمل وهجرت قبائل العرب الاقتتال فيما بينها واستبدلته بالتعاون والتضامن في صدّ الغزاة، وتحوّل هذا الشعور إلى ما يشبه "الهدف الواحد" في مواجهة الخطر الخارجي. ويمكن الجزم بأنّ القومية العربية هي مشروع مبنيّ على مبدأ "العروبة" الجامعة من المحيط إلى الخليج، إيمانًا بأنّ الشعب العربي هو شعب واحد تجمعه لغة واحدة وثقافة واحدة وتاريخ واحد وجغرافيا واحدة، وبأنّ الكيان العربي الواحد سيكون لصالح جميع العرب، كلّ ضمن حدوده.

ولعل أهمّ وأكبر مؤشرات الإيمان بمشروع القومية العربية، حين ترجمته الشعوب العربية بالزخم الثوري في خمسينيات وستينيان القرن الماضي مع اندلاع ثورات التحرّر العربي من الاستعمار، فكان صوت الجماهير العربية واحدًا، وهدفهم واحدًا، باتجاه وحدة عربية شاملة... فتحوّل هذا الزخم العربي طيلة تلك السنوات إلى كابوس يهدّد المستعمر الذي تعرّض لصفعات متتالية أفقدته اتّزانه وأعادته إلى الوراء يجرّ أذيال الخيبة والهزيمة، وبقيت القومية العربية أملًا راسخًا في النفوس وبركانًا خامدًا، متى تفجّر ستشكّل حممه الخلاص العربيّ المنشود.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن