اهتم قطاع واسع من الرأي العام المصري بقبول مصر كعضو في البريكس، وهو اهتمام محمود ويعكس درجة من الوعي ورغبة في المعرفة. بالمقابل قام جانب من النخبة بالتشكك وتصدير حالة من التشاؤم واليأس بشأن جدوى العضوية في هذا التكتل، والنظر للعضوية هي انها مشكلة وليست فرصة. وهو رد فعل لا أعتقد انه يمكن رصده داخل الدول الاخرى التي قبلت عضويتها في القمة الأخيرة للبريكس.
قبول عضوية مصر ومعها خمس دول أخرى، من بين أكثر من عشرين دولة تقدمت للعضوية، هو اعتراف دولي بأهمية مصر الإقليمية والاقتصادية، وقد ظهر ذلك في تصريحات قادة البريكس. وبالتأكيد فإن المكاسب المحتملة لعضوية مصر لن تظهر بين يوم وليلة، ولكن العضوية والرمزية السياسية والدولية التي تحملها، تعد مكسبًا في حد ذاته.
يضاف لذلك ان البعض لا يزال ينظر للبريكس بمنظور الماضب، ويرى انها هيكل هش لا يشمل إطارا تنظيميا يجمع أعضاءه، وانه لا يوجد تجانس بين هؤلاء الأعضاء وتوجد خلافات بين بعضهم مثل الهند والصين. لكن لا يدرك هؤلاء البعد الاستراتيجي المتعلق بمستقبل البريكس، وينظرون لهذا التكتل كصورة ثابتة وليس ككيان متحرك، سوف يتطور كثيرا خلال السنوات القادمة، واعتقد أنه سوف يطور هياكله التنظيمية وآليات التعاون في إطاره، وسوف يصبح الصوت الرئيسي المعبّر عن دول الجنوب.
وقد تحدث الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته أمام قمة البريكس الأخيرة، عن أن النظام الدولي الذى تم وضعه بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد معبّرا عن عالم اليوم، وأشار على وجه الخصوص إلى أن غالبية الدول الإفريقية كانت لا تزال مستعمرة في هذا التوقيت، كما أن موازين القوى الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية تختلف بشكل كبير عما هي عليه اليوم، وان الموازين التصويتية داخل المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية لا تزال تعكس الماضي وليس الحاضر. وبالتالى فإن كلمة الأمين العام للأمم المتحدة تحمل إشارة واضحة إلى ان تكتل البريكس يمثل أحد ملامح النظام الدولي الجديد، وانه بالتأكيد سيكون له دور أساسي فى طرح أفكار حول شكل هذا النظام الدولي.
وبالتالى فإن جلوس مصر حول مائدة البريكس كعضو سوف يعطي لها فرصة كاملة لان تسهم بأفكارها في طرح رؤى لنظام دولي أكثر عدالة وأكثر تعددية، وسيجعلها شريكا في صناعة هذا النظام. كما ان عضويتها في البريكس سوف تجعلها أقل عرضة لضغوط الاستقطاب الدولي المتنامية والتي تهدد بالدخول في أجواء حرب باردة جديدة، وسيوسع من خيارات شراكة مصر مع القوى الكبرى المختلفة، وابتعادها عن منطق وضع كل البيض فى سلة واحدة.
اما بالنسبة للفوائد الاقتصادية، فسوف تتطور أيضا مع تطور التكتل، وأهم ملامحها الحالية هو الاستفادة من الفرص التي يقدمها بنك التنمية الجديد التابع للبريكس في مشاريع للتنمية المستدامة، وكذلك التوسع في التبادل التجاري بالعملات المحلية مع دول البريكس التي بدأت بالفعل في تبنى ذلك. يضاف لهذا ان بعض دول البريكس خاصة الصين وروسيا تسعى الى تفكيك الارتباط بالدولار كعملة للتبادل التجاري، وقد تتبنى في المستقبل عملة موحدة محاسبية، تستخدم في التعاملات التجارية فيما بين دول البريكس، وهذا بالتأكيد سوف يخفف الضغوط المتعلقة بتوفير الدولار كعملة لا تزال هي الرئيسية في التبادل التجاري، وسوف يسهم في إنشاء نظام دولي متعدد العملات.
لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا
(الأهرام)