وبحسب هذه الأرقام، تَحْتاجُ سورْيا على الْأَقَلِّ إلى 216 مِلْيارَ دولار، لِإِعادَةِ تَرْميمِ وَإِعْمارِ مُدُنٍ مِثْلَ دِمَشْقَ وَحَلَبَ وَالرَّقَّةِ وَاللّاذِقِيَّةِ وَالسُّوَيْداءِ وَغَيْرِها. وَتَحْتَاجُ السّودانُ إلى مَبالِغَ أَكْبَر، قَدْ تَصِلُ إلى 700 مِلْيارَ دولار، بِسَبَبِ الخَرابِ شِبْهِ الشَّامِل. لَكِنَّ بَعْضَ المَصادِرِ اعْتَبَرَها مَبالِغَ كَبيرَة، وَحَدَّدَتْ وَكالَةُ "بْلومْبِرْغ" الأَميرْكيَّةُ السَّقْفَ عِنْدَ 130 مِلْيارَ دولار، لِإِعادَةِ تَأْهيلِ الحَياةِ في السّودان.
وَتَحْتاجُ لِيبْيا إلى نَحْوِ 570 مِلْيارَ دولارٍ لِإِعادَةِ إِعْمارِ المَناطِقِ التي دَمَّرَتْها الحَرْبُ في الشَّرْقِ وَالغَرْبِ وَالجَنوب. لَكِنَّ خِلافَ الحُكومَتَيْنِ المُتَنافِسَتَيْن، يَجْعَلُ نَفَقاتِ البِناءِ أَغْلَى، وَنَتائِجَها الِاقْتِصادِيَّةَ ضَئيلَة، بِسَبَبِ التَّشَرْذُمِ السِّياسِيّ. وَهُناكَ مُبادَرَةٌ مِنَ "البَنْكِ المَرْكَزيّ" لِتَوْحيدِ النَّفَقاتِ وَالجَداوِلِ وَالِالْتِزامات.
دول لا تزال تعيش مُخلّفات "الربيع العربي" والحروب الأهلية وأخرى غير مؤهّلة لتلقي الاستثمارات وإعادة الإعمار
وَيَحْتَاجُ لُبْنانُ إلى مُساعَداتٍ مالِيَّةٍ عاجِلَةٍ بِقيمَةِ 11 مِلْيارَ دولار، مِنْ أَجْلِ التَّعافي الِاقْتِصادِيّ، وَمَسْحِ آثارِ الحَرْبِ وَالعُدْوانِ الْإِسْرائيلِيّ. وَهُوَ شَرْطٌ تُرْفِقُهُ الوِلاياتُ المُتَّحِدَةُ بِنَزْعِ سِلاحِ "حِزْبِ اللَّه"، وَالتَّواصُلِ مَعَ تَلْ أَبيب حَوْلَ خَريطَةِ تَطْبيعٍ هادِئَة. بِِدَوْرِها، تَحْتاجُ غَزَّةُ إلى ما بَيْنَ 70 و80 مِلْيارَ دولار، لِإِعادَةِ إِعْمارِ ما خَرَّبَهُ الجَيْشُ الْإِسْرائيلِيُّ، وَهُوَ فَظيع، وَما تَسَبَّبَتْ فيهِ "طَائِشَةُ" حَرَكَةِ "حَماس" لَيْلَةَ 7 أُكْتُوبَرَ/تِشْرِينَ الْأَوَّل 2023.
وَتُقَدَّرُ حاجَةُ تَمْويلاتِ إِعادَةِ إِعْمارِ العِراقِ بِنَحْوِ 125 مِلْيارَ دولار، وَهُوَ بَلَدٌ نَفْطِيٌّ يُمْكِنُهُ الحُصولُ على القُروضِ الدَّوْلِيَّة. لَكِنَّ طَريقَ بُلوغِ الاسْتِثْمارِ الأَجْنَبيّ، تَحْتاجُ إلى تَعْبيدٍ سِياسيّ، يَتَجَنَّبُ الطَّائِفِيَّةَ الدّينِيَّةَ وَالعِرْقِيَّة، وَيُحارِبُ الفَسَادَ المالِيَّ وَالإِدارِيَّ وَالسِّياسِيّ.
وَيَبْقَى اليَمَنُ الحَلْقَةَ الأَضْعَفَ في المُعادَلَة، وَالأَكْثَرَ تَضَرُّرًا مِنْ تَداعِياتِ "الرَّبيعِ العَرَبي"، وَالحُروبِ الأَهْلِيَّةِ وَالإِقْليمِيَّة، حَيْثُ يَطالُ الفَقْرُ 80 في المِئَةِ مِنَ السُّكان، بَعْدَ انْتِشارِ الأَوْبِئَةِ وَسوءِ التَّغْذِيَة. وَتُشيرُ بَياناتُ "صُنْدوقِ النَّقْدِ الدَّوْليِّ"، إلى أَنَّ تَوَقُّفَ الصادِراتِ النَّفْطِيَّة، التي كانَتْ تُمَثِّلُ 70 في المِئَةِ مِنَ النَّقْدِ الْأَجْنَبيّ، وَانْقِسامَ البَنْكِ المَرْكَزيِّ بَيْنَ حُكومَتَيْ صَنْعاءَ وَعَدَن، أَدَّيا إلى انْهِيارِ العُمْلَةِ الْيَمَنِيَّة.
عملات عربية عدّة ستواجه تدهورًا متسارعًا في قيمتها خلال العام المقبل
وَتَقولُ مُؤَسَّساتٌ اقْتِصادِيَّةٌ دَوْلِيَّةٌ إِنَّهُ في وَقْتٍ يُتَوَقَّعُ أَنْ تَشْهَدَ مِنْطَقَةُ الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ وَشِمالِ أَفْريقْيا زَخْمًا اقْتِصادِيًّا وَتَنْمَوِيًّا، بَعْدَ تَراجُعِ حِدَّةِ الحُروبِ وَالنِّزاعات، لَنْ تَسْتَفيدَ بَعْضُ دُوَلِ المِنْطَقَةِ مِنْ فَوائِدِ السَّلامِ وَإِسْكاتِ البَنادِق، لِأَنَّها لا تَزالُ عالِقَة؛ إِمّا تَعيشُ مُخَلَّفاتِ "الرَّبيعِ العَرَبي" وَالحُروبِ الأَهْلِيَّة، أَوْ أَنَّها غَيْرُ مُؤَهَّلَةٍ لِتَلَقّي الاسْتِثْمارات، وَإِطْلاقِ مَشارِيعِ التَّنْمِيَةِ وَإِعادَةِ الإِعْمار، وغِيابِ الضَّماناتِ الدَّوْلِيَّة.
وَحَذَّرَ "صُنْدوقُ النَّقْدِ الدَّوْليّ" مِنْ تَراجُعِ عُمُلاتٍ عَرَبِيَّةٍ عِدَّةٍ سَتُواجِهُ تَدَهْوُرًا مُتَسارِعًا في قيمَتِها خِلالَ العامِ المُقْبِل، بَعْضُها لَمْ يَتَعافَ مِنْ صِراعاتٍ داخِلِيَّةٍ وَإِقْلِيمِيَّة، وَبَعْضُها الآخَرُ لا يَزالُ يَعْتَمِدُ على مَصْدَرٍ وَحِيدٍ لِلدَّخْلِ القَوْميّ، مِمّا يَجْعَلُهُ تَحْتَ تَأْثيرِ عَدَمِ اسْتِقْرارِ الْأَسْعارِ الدَّوْلِيَّةِ وَتَأْثيرِها على الِاحْتِياطِ النَّقْديّ، وَميزانِ المَدْفوعاتِ الخَارِجِيَّة. وذلكَ يشمَلُ الجُنَيْهَ السّودانِيَّ وَاللِّيرَةَ السّورِيَّةَ وَاللّيرَةَ اللُّبْنانِيَّةَ وَالرِّيالَ اليَمَنِيَّ وَالدّينارَ اللّيبِيَّ وَالعِراقِيَّ وَالجَزائِرِيَّ وَالتّونُسِيّ، على الرَّغْمِ مِنِ اخْتِلافِ حَجْمِ الِاقْتِصاد، وَأَسْبابِ ضَعْفِ العُمْلَةِ لَدَى كُلِّ بَلَد.
لقراءة الجزء الأول
(خاص "عروبة 22")

