كيف نفهم العلاقات الخليجية - الروسية في الوقت الراهن؟
لا أشك أنّ روسيا تبحث عن عمق إستراتيجي جديد في الخليج العربي ومع دول مجلس التعاون بالتحديد في وقت هذه التحولات السياسية الصعبة والتغير في موازين القوى العالمية وتراجع الاهتمام الأميركي في منطقة الشرق الأوسط كما كان في السابق، ولذلك نحن نعيش مرحلة متطورة في العلاقة بين دول الخليج وروسيا الاتحادية.
دول مجلس التعاون الخليجي تتخذ نهجًا جديدًا في العلاقات الدولية بالتزام الحيادية وتعزيز العلاقات مع شركائها على الجناحين الأمني والاقتصادي ومع منتجي النفط والغاز حول العالم، وهنا يمكن فهم العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا الاتحادية، وهي العلاقة التي قد لا تكون اختيارية وإنما إجبارية لحظة توازن أسواق الطاقة العالمية.
نعم، هناك تطور غير مسبوق في الشراكة الاقتصادية وتبادل المنفعة بين الخليج وموسكو، وهناك رابط قوي وهو منظمة "أوبك بلس"، فإذا كانت دولة الكويت تتمتع بعلاقات إستراتيجية منذ أيام الاتحاد السوفياتي فدولة الإمارات العربية المتحدة أكثر دولة تتمتع بتبادل تجاري غير نفطي مع موسكو وصل إلى 2.6 مليار دولار العام الماضي فقط، أما المملكة العربية السعودية فلا شك أنها بدأت رسميًا بسد الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأميركي وبدأت بتوجيه بوصلة سياسات المنطقة بقوة وتوازن ونظرة مستقبلية.
الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة للجميع أنه رغم أن العلاقات الخليجية - الروسية ممتازة ومتطورة إلا أن دول مجلس التعاون تقف على مسافة واحدة مع كل شركائها حول العالم، ولعل أكثر ما يفسر ذلك ما حدث في القمة العربية في مايو الماضي بمدينة جدة عندما تمت دعوة سورية للمشاركة بالقمة بوساطة روسية وفي الوقت نفسه دعي الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي كضيف شرف، وكل ذلك تم بمباركة دول الخليج والدول العربية تحقيقًا للتوازن السياسي وتوجيه رسالة بأننا لسنا ضد أي طرف.
دول مجلس التعاون الخليجي ليست مع طرف ضد طرف، وإنما تعمل وفقًا لمصالحها القومية ومبدأ التوازن في العلاقات دون ترضيات ولا مجاملات، وهذه هي السياسة الجديدة التي تحكم علاقة مجلس التعاون الخليجي مع الجميع وليست مع روسيا بالتحديد.
("الراي") الكويتية