تُظهر أحدث بيانات الحكومة المعترَف بها دوليًا أنّ البلاد صدّرت خلال العام المنتهي 118 طنًا، من أصل 236 طنًا هو إجمالي الإنتاج من القطاع السمكي، وبلغت القيمة الإجمالية للكمية المصدّرة 650 مليون دولار بحيث تستحوذ الأسواق العربية على معظم الكمية المصدّرة.
وتُعد المملكة العربية السعودية أكبر الأسواق التي تُصدّر إليها الأسماك اليمنية الطازجة، من خلال المنفذ الحدودي البري الوحيد الذي يعمل في محافظة حضرموت، فيما توقّف التصدير عبر منفذ الطوال في غرب البلاد بسبب الحرب التي اندلعت في العام 2015، فيما تحتل سلطنة عمان المرتبة الثانية من حيث كمية الأسماك التي تصل إليها عبر المنفذ البري في محافظة المهرة، في حين تذهب الأسماك المجمّدة إلى دول شرق آسيا وأفريقيا.
الحرب التي اندلعت عقب اقتحام الحوثيين العاصمة صنعاء أثّرت بشكل كبير على قطاع الأسماك، إذ تؤكد جمعيات الصيادين أنّ ثلث الإنتاج فُقد بسبب الأضرار التي لحقت بمراكز الإنزال السمكي، والتهديدات والمخاطر التي يواجهها الصياديون نتيجة العمليات العسكرية في البحر، وبخاصة سواحل البحر الأحمر التي كان الحوثيون يسيطرون على معظمها قبل انتزاعها منهم باستثناء سواحل محافظة الحديدة التي لا تزال تحت سيطرتهم.
ولأنّ الحديدة واحدة من أكبر مجتمعات الصيد التقليدي في اليمن، فإنّ عدد الصيادين فيها يبلغ قرابة 67 ألف صياد، وهؤلاء يمثّلون 44 جمعية سمكية تعاونية، تملك قرابة 14 ألف قارب صيد، وقد تراجعت كمية إنتاج الأسماك هناك بحوالى 30 ألف طن وانخفض إنتاج الصيد التقليدي إلى حوالى 12 ألف طن، استنادًا إلى بيانات جمعيات الصيادين.
ومع خفض الإنتاج وانتقال أعداد كبيرة من الصيادين للعمل في سواحل خليج عدن وبحر العرب، تؤكد البيانات الحكومية أنّ استهلاك الفرد من الأسماك في اليمن انخفض من 14 كيلوجرام في السنة، إلى 2.5 كيلوجرام في السنة، أي بنسبة 85% عما كان عليه قبل اندلاع الصراع، وأعيدت أسباب ذلك إلى ارتفاع أسعار الأسماك والتراجع الكبير في مستويات الدخل، والتدهور الاقتصادي الكبير واضطرار قطاع عريض من السكان للاعتماد على المساعدات الإغاثية.
وكل عام تتخذ السلطات في مناطق سيطرة الحكومة قرارًا بوقف تصدير الأسماك إلى الخارج في مواسم انخفاض الصيد لمواجهة الزيادة الكبيرة في الأسعار، لكن مثل هذه القرارت تواجَه باعتراض شديد من جمعيات الصيادين وشركات التصدير التي تقول إنّ وقف التصدير يؤدي إلى انخفاض سعر السمك ما يُلحق بها خسائر كبيرة، وتوضح جمعيات الصيادين أنّ مثل هذه القرارت تؤدي إلى زيادة عرض الأسماك داخل السوق المحلية ما يتسبب في انخفاض الأسعار بنسبة 100%، وذلك في تقديرها يُلحق خسائر كبيرة بالصيادين الذي أصبحوا يعجزون عن العمل بسبب ارتفاع أسعار الوقود والأدوات والمستلزمات الضرورية للصيد، كما يتسبب قرار وقف التصدير في وضع شركات التصدير أمام خيارين إما التوقف عن شراء الأسماك من الصيادين أو تجميد الأسماك وإعادة بيعها في وقت لاحق، فضلًا عن أنّ هذا القرار يحرم البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية عميقة من العملة الصعبة في ظل توقف تصدير النفط.
الخلاف مع إريتريا
لا تقتصر معاناة الصيادين اليمنيين على تداعيات الحرب، ولكنها تمتد كذلك إلى الخلاف المزمن بين اليمن وإريتريا حول حق الصيد التقليدي في محيط أرخبيل حنيش في البحر الأحمر بعد قرار هيئة التحكيم الدولية بسيادة اليمن على الأرخبيل، لكن قرار التحكيم نصّ على حق الصيد التقليدي في المنطقة دون تحديد، ولهذا يقول الجانب الإريتري إنّ هذا الحق لها فقط، حيث تقوم قواتها بشكل دوري باعتقال العشرات من الصيادين اليمنيين ومصادرة كل ممتلكاتهم بما فيها قوارب الصيد.
ومنذ أيام عاد 55 صيادًا يمنيًا أطلقت سراحهم البحرية الإريترية بعد اقتيادهم والقوارب الخمسة التي كانوا يعملون عليها والمجهّزة بالمعدات والمكائن وغيرها من الأدوات المستخدمة في صيد الأسماك، وأفاد هؤلاء أنهم كمن سبقهم أُرغموا على "الأعمال الشاقة" خلال فترة احتجازهم التي تزيد على شهر.
وأدانت هيئة المصائد السمكية في الحديدة بشدة تزايد وتيرة الاختطافات والانتهاكات التي يتعرّض لها الصيادون اليمنيون بشكل مستمر من قبل السلطات الإريترية، ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى النظر في مظلومية الصيادين وإدانة كافة الانتهاكات بحقهم، فيما يقول بعض الصيادين إنّ عمليات الاعتقال والملاحقة التي يتعرّض لها الصيادون اليمنيون في عرض البحر من قبل القوات الإريترية تنتهي في بعض الأحيان بمصادرة ما بحوزتهم من أسماك.
(خاص "عروبة 22")