بات من المؤكد أنّ الكيان الصهيوني لا يملك، هو ومن يسانده، "أخلاق الحضارة". فما هي الحلول المقترحة التي تُمكّن العرب والمسلمين وكل مناصري الحريات في العالم من مواجهة "السرطان الصهيوني"؟.
موقف عربي موحّد من التطبيع
يعمل التطبيع على تكريس وجود إسرائيل في قلب الوطن العربي على أنها حقيقة قائمة لا جدال فيها، وأنّ فكرة زوال إسرائيل لا بد أن تُستبدل بفكرة زوال فلسطين التاريخية ذات البُعدين العربي والإسلامي مع كل ما يعنيه ذلك من تنازل عن التاريخ والجغرافيا والتضحيات المتواصلة من جيل إلى جيل، ومن ثَمَّ تموت القضية الفلسطينية.
من هنا، لا بد من وقف التطبيع على مراحل، وانتهاز مجازر غزّة - وهي ترقى إلى حد جرائم الإبادة الجماعية - لتكون حجة دامغة أمام العالم على ذلك الموقف العربي والإسلامي حتى لا تتعرض الحكومات العربية لإحراج دولي، بل بات معها كل الحق في وقف التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويجب أن يتزامن ذلك مع اتخاذ موقف موحد وحاسم في مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية وجميع المنظمات الحقوقية في العالم لوضع حد لهمجية الكيان الصهيوني، ولوقف المجازر الدموية.
مكتب مقاطعة إسرائيل
أسّست جامعة الدول العربية عام 1951 "مكتب مقاطعة إسرائيل"، وفي 1954 أُقرّ قانون موحّد لمقاطعة إسرائيل، وتبعًا لذلك سنّت الدول العربية، كل على حدة، قانونًا ينظّم المقاطعة في قُطرها.
اللوبي العربي إذا استخدم الإمكانيات العربية المتاحة بشكل فعال يمكنه أن يقلّص من نفوذ اللوبي الصهيوني
ومن هنا نرى أنّ تفعيل قرارات وتوصيات هذا المكتب آن أوانه، ومن تلك التوصيات قطع العلاقات الاقتصادية مع الدول الداعمة للكيان الصهيوني، ووضع لائحة سوداء بأسماء الشركات الإسرائيلية والشركات المؤيّدة لها، التي تحتفظ بعلاقات تجارية مع إسرائيل، لحظر دخول بضائعها، ومقاطعة أعمالها إلى أن تُوقِف نشاطها الداعم للكيان الصهيوني.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الدور الشعبي المقاطع للكيان ومن يدعمه؛ لأنه أكثر قدرة على التأثير وعلى مقاومة التطبيع، هذا بجانب دور النقابات والاتحادات والأندية والجمعيات الخاصة، لأنها إذا اتفقت على مقاومة التطبيع فإنها تكون قادرة على مواجهة عملية التطبيع بقوة أكبر من قوة عملية التطبيع الفردي.
تأسيس لوبي عربي موحّد وتدعيمه
يمتلك العرب من الإمكانيات الجبّارة اقتصاديًّا وسياسيًّا ما يجعلهم قادرين على تكوين لوبي عربي أقوى من اللوبي الصهيوني، وله صور، فمنه ما هو سياسي، ومنه ما هو اقتصادي، ومنه ما هو فكري وإعلامي.. إلخ، ومهمته أن يضغط على صانعي القرارات العالمية لصالح القضايا العربية.
كما يستطيع اللوبي العربي تصحيح الصورة السلبية للعرب في أمريكا عن طريق الإعلام، والكتابات المختلفة، للتأثير في الرأي العام، ويستند إلى المؤسسات والمنظمات العربية في الولايات المتحدة مثل اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز، ومعهد العرب الأمريكيين، والمركز العربي الأمريكي للأعمال الخيرية.
ويمكن لهذا اللوبي العربي إذا وُحِّد واستخدم الإمكانيات العربية المتاحة بشكل فعال أن يقلّص من نفوذ اللوبي الصهيوني.
مراكز أبحاث عربية في مواجهة الصهيونية
تلعب مراكز الأبحاث دورًا حيويًّا في التأثير في صنّاع القرار في العالم، ومن هنا تأتي أهمية إقامة مراكز أبحاث عربية توازي مراكز الدراسات والأبحاث الإسرائيلية، تُمكّننا من التأثير في دوائر صناعة القرار في العالم، بما يجعلنا قادرين على مواجهة الخطر الصهيوني.
اليهود ما كانوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه من السيطرة على مراكز القرار في العالم لولا وجود رؤوس أموال كبيرة
ويمكن لهذه المراكز الاستعانة بخبرات المتخصصين من الساسة والمفكّرين لمواجهة الصهيونية، كما من الممكن الاستعانة بأبحاث وآراء اليهود المنصفين الرافضين للسياسات الصهيونية من أمثال "آفي شلايم" و"إيلان بابيه"، وكذلك الاستعانة بآراء الحاخامات والناشطين اليهود من حركة "ناطوري كارتا" و"المجموعة الديمقراطية الشرقية" التي تأسّست كرد فعل على سياسة التمييز تجاه العرب، وحركة "القوس الشرقي" المناهضة للعنصرية، وحركة "اليهود ضد الصهيونية" التي ترفض الدولة العبرية وتصفها بأنها دولة عنصرية قامت على أيدي عصابات الصهيونية وليس لها علاقة باليهودية.
إنشاء هيئة عربية عليا للتصنيع الحربي
إنّ التحول إلى التصنيع العسكري بالتعاون مع القوى العربية والإسلامية، مسألة تتطلب وقتًا وجهدًا وإخلاصًا من أجل الصالح العام.
وتجدر الإشارة إلى أنّ اليهود ما كانوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه من السيطرة على مراكز القرار في العالم لولا وجود رؤوس أموال كبيرة تموّل التصنيع العسكري الصهيوني بجميع صوره وأشكاله، ويرون أنها السبيل لتحقيق مآربهم وأهدافهم.
تبني وسائل إعلام متطورة ونافذة
ماذا لو تبنى العرب رعاية وسائل إعلام متطورة ونافذة تخاطب كل الأحرار وأصحاب الضمير الحي في العالم على اختلاف بلدانهم وأعراقهم وانتماءاتهم السياسية لفضح "آلة الكذب والتزييف الصهيونية"، والكشف عن حقيقة أنّ السلام مرفوض في العقيدة الصهيونية؛ لأنه يعني انهيار الكيان الصهيوني الذي قام على زعم عودة "المسيح المخلّص" الذي سيأتي وسط بركة من الدماء والفتن ويحسم معركة "هرمجدون" وفق عقيدتهم التلمودية.
ضرورة التأثير في الرأي العام العالمي من خلال الأمثلة التي توضح مخاطر الإرهاب الصهيوني
ووفقًا لفكرة رواية "أزهار الشر" لبودلير التي ترى أنّ الشر أحيانًا يكون فضيلة لأنّ ذلك يمكننا من فضح شرها بالفعل، فهذا ما لمسناه عند انتشار المظاهرات وتصاعد حدة المظاهرات لطلاب الجامعات في العديد من دول العالم بخاصة أمريكا؛ لذا نرى ضرورة مخاطبة طلبة الجامعات الأوروبية والأمريكية لتغذية تلك الصحوة مع التركيز على التأثير في الرأي العام العالمي، من خلال التطرق إلى بعض الأمثلة التي توضح مخاطر الإرهاب الصهيوني الذي يمارس التطهير العرقي والإبادة بكل صورها.
من خلال تلك الآليات إذا ما طُبقت كما ينبغي، تكون الصهيونية على شفا الانهيار ليتخلّص العالم من سرطان هذا العصر.
لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث
(خاص "عروبة 22")