تقدير موقف

"معاداة السامية".. طرق المواجهة المقترحة "تحطيم الأيقونة" (3/3)

تأتي نقطة الانطلاق المناسبة لكسر سلاح "معاداة السامية"، السيف الذي وضع على رقاب الجميع بعد ما ارتكب من مجازر مروعة وجرائم لم يشهد العالم لبشاعتها مثيلًا ارتكبتها – ولا تزال - "إسرائيل" في غزة خلال نحو 11 شهرًا، قتلت فيها بلا رحمة أكثر من 40 ألف شخص، وأصابت نحوًا من 100 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، ودمرت كل مَظهرٍ للحياة في القطاع، وارتكبت انتهاكات ترقى إلى كونها أعمال إبادة.

هذه الجرائم تظهر للعالم كله الوجه الحقيقي البشع للصهيونية المعادي للبشرية كلها، وتضع أمامهم المسؤولية التاريخية والأخلاقية. فكيف نتعامل مع قانون "معاداة السامية"؟

الطرق على "الحديد الساخن":

من هنا لا بد من الطرق على الحديد الساخن، والعالم الحر أصبح مهيأ الآن لذلك أكثر من ذي قبل؛ فقد فقدت الدعاية الصهيونية بعد تلك المجاز بريقها وتأثيرها، وأصبحت كلمة "معاداة السامية" تثير كثيرًا من الاشمئزاز والنفور لدى أغلبية الرأي العام الأوروبي والأميركي والعالمي، وهب الشباب في الجامعات لنصرة القضية الفلسطينية ودعمًا لقطاع غزّة في وجه العدوان الإسرائيلي.

علينا إعادة صياغة الخطاب العربي والإسلامي ليصبح منفتحًا على الآخر بالطريقة التي يفهمنا بها

وانطلقت هذه الهبّة من جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، وسرعان ما انتقلت شعلتها إلى مئات الجامعات في مختلف أنحاء العالم، لتشكل موجة من التضامن الطلابي غير مسبوقة، ونجحت في إيصال رسالة قوية للعالم مفادها أنّ سلاح "معاداة السامية" لم يعد ذا جدوى.

تصحيح المفاهيم:

آن الأوان لإبلاغ العالم وحكوماته أنّ قانون "معادة السامية" وتطبيقه في عدد من الدول جعل من الصهيونية بلطجية العالم، وجعلت "إسرائيل" ترتكب المجازر والتطهير العرقي أمام العالم دون خشية من أحد، وهي بذلك تعد دولة مارقة بمفهوم القانون الدولي.

كما آن الأوان لتصحيح المفاهيم المغلوطة، والكشف عن أنّ "معاداة السامية" تتنافى مع مبدأ المساواة ورفض التمييز العنصري؛ لأنها تميز اليهودية عن باقي الأديان، كما تتعارض مع مبدأ حرية الفكر وحرية التعبير عن الرأي المكفول للجميع بحكم القانون الدولي.

إعادة صياغة الخطاب العربي والإسلامي:

ومن هنا علينا إعادة صياغة الخطاب العربي والإسلامي، ليصبح منفتحًا على الآخر بالطريقة التي يفهمنا بها، وعلينا الاستفادة من سياسة النفس الطويل والأسلوب المنطقي القائم على التحاور والنقاش.

إعداد أرشيف عربي يضم كل الأعمال المعادية غير المبررة للعرب والمسلمين:

ماذا لو أُعد أرشيف يضم كل الأعمال المعادية غير المبررة للعرب والمسلمين؟، ليخاطب العالم الحر ويخاطب برلمانات العالم، حتى نستطيع أن نكسب من خلالها الدعم والتأييد لقضايانا العادلة، ونكشف حقيقة الصهيونية الكارهة للبشرية.

توظيف شبكة المعلومات الدولية:

من المعروف أنّ اللوبي الصهيوني في الغرب يسيطر سيطرة شبه مطلقة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي "إسرائيل" توجد وحدة 8200، وهي الوحدة الكبرى ضمن سلاح المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وتمتلك نخبة الـ"هاي تيك" لرصد ومراقبة رواد التواصل الاجتماعي، ويستطيعون من خلالها رصد وتتبع ومحاربة أي فكرة أو رأي باستخدام سلاح "معاداة السامية"، خاصة أنّ أغلب الدول الأوروبية تطبق قانون "معاداة السامية"، واستطاعوا استخدامه في الترهيب لكل من يقف في وجههم أو يعارض أفكارهم حتى تقمع كل صوت حر ضدهم.

علينا مكافحة خطاب الكراهية للعرب في الإعلام الغربي وذلك بمشاركة المؤسسات الإعلامية العربية

وتأتي المواجهة من خلال استثمار الأصوات الحرة في الغرب التي بدأت تتجرأ بصورة غير مسبوقة ضد هذه السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحطموا تلك الأيقونة، ومنهم شخصيات مؤثرة عالميًّا ضربوا بـ"معاداة السامية" عرض الحائط، وهاجموا الوحشية الصهيونية وأظهروا تعاطفًا غير محدود مع أهل غزّة وأطفالها مع مطالبات للمجتمع الدولي بالنظر بعين العدالة لما يجري على تلك الأرض منذ عام 1948، منهم على سبيل المثال: دواين جونسون ذا روك، وليام نيسون، وجون كوزاك، ومادونا، وجينيفر لوبيز، وإيمي شومر، وناتالي بورتمان، وسارة سيلفرمان، وجيري سينفيلد، وباربرا سترايسند، وكيت بلانشيت، وعشرات غيرهم.

من هنا توجد نقطة انطلاق لكسر الحصار المفروض على مواقع التواصل الاجتماعي العالمي لمواجهة الأكاذيب والشائعات المتعلقة بالعرب والإسلام عمومًا عبر الحملات الإعلامية التوعوية والتضامنية على منصات التواصل الاجتماعي، وكشف حقيقة "معاداة السامية" التي تتناقض مع مبادئ الأخلاق والقانون الدولي والحرية الشخصية.

ومن هنا يتم عرض القضية العربية بشكل أفضل وحشد تأييد أكبر لها على مستوى العالم، وتطوير مهارات اكتساب أساسيات المعرفة الإعلامية والمعلوماتية بغية تعزيز القدرة على الصمود أمام عمليات التضليل والتحامل على العرب عبر شبكة الإنترنت.

الجاليات العربية والإسلامية وسيلة للتأثير في صنع السياسات في الغرب على غرار ما تقوم به الجاليات اليهودية

ويمكن التصدي للمحتوى الإعلامي الذي يروج لمعاداة العرب والأفكار الصهيونية والتأكد من تقديم صورة متوازنة وعادلة عن العالم العربي والإسلامي، والتثقيف حول حق العرب في فلسطين تاريخيًّا.

المشاركة في الفعاليات الدولية:

كما تأتي المشاركة العربية والإسلامية في المؤتمرات والمنتديات الدولية التي تناقش معاداة السامية وأشكال التمييز الأخرى، مما يعزز من إسهامها في الجهود العالمية لمكافحة الكراهية ضد العرب والمسلمين.

تعزيز الحوار بين الأديان:

تعزيز الحوار بين الأديان عن طريق تنظيم فعاليات حوار يعزز التفاهم المتبادل ويخفف التوترات الدينية، وهذه الجهود تسهم في بناء جسور التفاهم بين العرب والغرب، وتعزز التعايش السلمي واحترام التنوع الديني والثقافي.

وعلينا مكافحة خطاب الكراهية للعرب في الإعلام الغربي، وذلك بمشاركة المؤسسات الإعلامية العربية، وتقديم محتوى يروج للتسامح والتعايش، ويدعم الأصوات المعتدلة.

دور الجاليات العربية والإسلامية بالغرب:

ضرورة التواصل بشكل أكبر مع الجاليات العربية والإسلامية بالغرب، والاستفادة من هذه الطاقة البشرية لتكون أفضل وسيلة لتقديم نموذج عن الإنسان العربي والمسلم ولتحسين الصور المغلوطة عنا في الغرب، ولتكن هذه الجاليات وسيلة للتأثير في صنع السياسات في الغرب على غرار ما تقوم به الجاليات اليهودية (اللوبي الصهيوني)، وتستطيع الجاليات العربية والإسلامية أن تكون أكثر تأثيرًا، إذا سعت إلى تقديم الأدلة والبراهين بأسلوب منطقي مدروس.

مخاطبة منظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية:

بناء جسور التعاون بين منظمات المجتمع المدني العربية والإسلامية مع المنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق العرب ومؤيديها لعرض أفكارهم وتوصيلها لأكبر قدر من الناس في شتى أنحاء العالم، وتقدم للعالم صورة العرب المحبين للعدل والمساواة والحرية لمواجهة التحيز والتمييز الذي تفرضه الدعاية الصهيونية ضد العرب، وتعزيز حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للجميع.

إصدار تشريعات:

كما يمكن إصدار تشريعات تمنع معاقبة الآراء الحرة فيما يتعلق بتفنيد أكاذيب الدعاية الصهيونية، ومساعدة المشرعين على إنشاء مجموعات برلمانية مشتركة بين الأحزاب ترفض القوانين التمييزية.



لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن