صحافة

تداعيات ما بعد زيارة نتنياهو الثالثة لترامب!

جمال زهران

المشاركة
تداعيات ما بعد زيارة نتنياهو الثالثة لترامب!

من تابع الزيارة الثالثة لنتنياهو (رئيس عصابة الكيان الصهيوني)، لأمريكا في عهد ترامب (الولاية الثانية منذ 20 يناير الماضي، يتأكد من أول وهلة.. أن هذه الزيارة الثالثة هي الأخطر، وفي أقل من 6 أشهر، وهو ما لم يحدث من قبل في عهد أي رئيس، وستكون لها تداعيات خطيرة من الآن، فصاعداً. فمن الملاحظ أنه لم يعقب انتهاء الزيارة أي مؤتمر صحفي مشترك ضم نيتانياهو، وترامب، مثلما حدث في اللقاء الثاني أيضاً، وعلى عكس ما تم في أول لقاء بعد حلف اليمين، حيث كان أول ضيف خارجي هو نيتانياهو، وعقب اللقاء تم إجراء مؤتمر صحفي مشترك.

وقد ذهب بعض المحللين، إلى أن عدم عقد مؤتمر صحفي مشترك، هو دليل على عدم التوافق على شيء، وأن حجم الخلافات كبير، وأن التصريحات من الطرفين، قد تأتي بعكس ما يُراد منها التلاعب بالإقليم والعالم. إلا أنني أرى، أن عدم عقد مؤتمر صحفي، هو مؤشر وعلامة غير بروتوكولية، على عدم الرضا!!، ومن قال إن للبروتوكول وجودا في العلاقات العضوية بين أمريكا (الراعية)، وبين الكيان الصهيوني (التابع). ومن تجاوزات البروتوكول في هذه الزيارة، عقد جلسة رسمية تضم أعضاء الوفدين من الخبراء حضرتها زوجة نيتانياهو وهو أمر غير معهود،، ومن ثم فإن لتجاوز البروتوكول في هذه الواقعة ليكشف عن العلاقات الحميمية بين ترامب وبين نيتانياهو وزوجته، وأن هناك أسراراً في هذا المضمار!!

إذن، لا أذهب مع المحللين الذين يتبسطون في خلاصاتهم، أن هناك شيئا ما، وراء عدم عقد المؤتمر الصحفى في الزيارة الثالثة الأخيرة!. والسؤال: ما الذي يجعلنى أقول ذلك؟ إن حجم ما تم في الإقليم بعد الزيارة الثانية كان كبيرا، من استمرار العدوان على غزة، والدمار والقتل والإبادة الجماعية فيها كان ضخماً للغاية، ويتزايد عما سبقه من فترات زمنية. بمعنى أن ما تم من دمار وخراب وقتل وإبادة، في الفترة من بداية فبراير وحتى الآن (خمسة أشهر)، يفوق ما تم في الـ (15) شهراً السابقة، ومنذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م.

فقد أعطى ترامب الضوء الأخضر، للتدمير الكامل لشعب غزة من قبل نيتانياهو، وعصابته التي تحكم الكيان الصهيوني، وأعطى له الضوء الأخضر لضرب إيران، وأعطى له الضوء الأخضر لضرب اليمن، والعبث في سوريا واحتلال مناطق جديدة!! في الوقت الذي تظاهر بالخديعة أنه يتفاوض مع إيران بشأن التوصل إلى اتفاق حول المشروع النووي فيها!! إلا أنه كان يرتب لضربها بالتنسيق مع الكيان الصهيوني!! بعبارة أخرى فإن ما يعلن هو عكس ما يرتب!! وتلك هي الخديعة الكبرى التي نعيشها في عصر ترامب.

أن الذي يرى أن الكيان الصهيوني له أهداف واستراتيجيات بعيداً عن أمريكا، وهي الحبل السُري لهذا الكيان، هو واهم، ويعيش إما فاقداً للوعي، أو مزيف الوعي، أو من عبيد الاستعمار ، أو من عملاء رسميين للاستعمار. فالكيان الصهيوني هو الخنجر المسموم في ظهر الأمة العربية ليحول دون وحدتها ودون تقدمها. كما أنه الأداة الاستعمارية لأمريكا والغرب الأوروبي (تحالف الاستعمار الجديد مع القديم) حفاظاً على بقاء واستمرار هذا الكيان لتحقيق مصالحهم.

فهل لاحظ أحد أن تحدث /نيتانياهو عن ضرورة بقاء الكيان الصهيوني، تنفيذاً للأبعاد الدينية والتوراتية.. الخ، هذه الخزعبلات التي تمثل الغطاء الاستعماري؟! بالطبع لا.. لأنه ذاهب إلى تنفيذ الأجندة الأمريكية الاستعمارية بلا نقاش. ولذلك فإن ترامب الأمريكي قد التقى نتنياهو، وأعطى له التعليمات لتنفيذها. وتقضي التعليمات، بالتوجه إلى التصعيد في الإقليم، تنفيذاً لاستراتيجية السيطرة التامة بالقوة العسكرية، وإحكام الهيمنة، وعلى كل أطراف الإقليم الخضوع الكامل، وعدم رفض أي تعليمات من الاستعماري الأكبر، وإلا فإن العقوبات في الانتظار بكل الأساليب!!

وهنا، فإن الصراع بين الإقليم (دولا.. وشعوبا.. ونظماً) وبين الأمريكي الصهيوني، ومشروعه في الإقليم، فلمن النصر.. والهزيمة من نصيب من؟! وفي هذا السياق فإن الهزيمة وفقاً للقراءات التاريخية ووقائعها.. هي من نصيب المشروع الاستعماري الذي لم ينجح في أي مكان في العالم، نموذج (فيتنام – جنوب أفريقيا – الجزائر)، وتلك أمثلة فقط، أما النصر فهو من نصيب المقاومة حتماً، تلك هي دروس التاريخ. أما الذين يتلاعبون بالرأي العام، حيث يقدم القاتل نتنياهو خطاباً لترامب، بترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام!! فتلك كارثة كبرى، وذلك هو استخلاص زيارة نتنياهو، إلى واشنطن، لمدة (4) أيام من الاثنين 7-10 يوليو 2025م، التي ستكون بداية جديدة للدفع بالإقليم نحو المزيد من العنف والتصعيد المتنامي بلا توقف!.

(الأهرام المصرية)

يتم التصفح الآن